مرحبا بك في مملكة الورد

مرحبا بكم في مملكة الورد

صديقكم المهدي عثمان

قصور الساف / تونس



الجمعة، 28 مايو 2010

قراءة في كتاب"الحداثة والحرية" للحبيب الجنحاني


وجهة نظر متفائلة
بقلم: المهدي عثمان

جريدة الشعب التونسية: 22ماي 2010
وأنا أتصفّح على عجل كتاب «الحداثة والحريّة» الذي أُعدّ ليتقبّل إجابات الاستاذ الحبيب الجنحاني... إجابات وردتْ نتيجة أسئلة ومطبّات وإحراجات طرحها الصحفي والكاتب ناجي الخشناوي بطريقة التوليد السقراطي. إذن، هو كتاب حواريّ وهو كتاب على صغر حجمه، يجعلك تتساءل باستغراب عن مطابقة ثمنه (7 دينار) لحجمه ذاك، بالمثل لم يتوفر الكتاب على إشارة لعدد النسخ المطبوعة، وهو في اعتقادي سهو لم يحصل مع أيّ كتاب صادر عن دار النشر تلك... هي تفاصيل تجعل القارئ يمنح مصداقية ما للكتاب ولكاتبه ولدار النشر...
جملة اعتراضية طالت اكثر من اللزوم، لأعود مستدركا. قلتُ، وأنا أتصفّح على عجل هذا الكتاب، جالتْ بخاطري فوضى التعريفات والمفاهيم المسقطة والناقصة والمحرّفة، حول «الحداثة» وحول «الحريّة» غير أنّي بعد أكثر من قراءة، اقترحْتُ على ذاتي الممدّدة على الطاولة أنْ أقرأ الكتاب بعنوان مغاير، هوّ عنوان وضعه الصحفي والكاتب ناجي الخشناوي كتقديم للكتاب: «نحو رؤية مدنيّة عربيّة». نعم هذا هو العنوان الحقيقي للكتاب، وأقنعتُ نفسي أنّ خطأ مطبعيّا ما غيّر العنوان فالكمّ الهائل من القضايا التي طرحها الصحفي والكاتب ناجي الخشناوي على محاوره، تجعلها تفْلت وتستعصي على «التقولب»، في خندق «الحداثة والحريّة...» بل امتّدت نحو الديمقراطية وحقوق الإنسان والسياسات الاستعمارية والعولمة... مرورا بالاستعمار الكولنيالي والديون والتخلّف وحركات التحرّر وصولا للعنف الدوليّ والإرهاب، وإنْ كان طرح إشكالية «الحداثة» في الوقت الراهن، يطرح أكثر من سؤال، عن قدرة هذا المفهوم على «التجلّي» الواضح.
وما عمّق المفارقة، اقتصار الاستاذ الحبيب الجنحاني في حديثه عن الحداثة عن عصر التنوير، وعمّا أنتجه ذلك العصر من «قيم» كونيّة، مهّدت للتدخل الاجنبي وانتهاك سيادة الدول.
بل الأدهى من ذلك أنّ قادة الثورة أنفسهم، تنكّروا لمبادئها التي أعلنوها صائفة 1789 بأن أقصوا الفقراء من الاقتراع الذي حدّد سنة 1791، ولا يحق الانتخاب إلا لمن يدفع الاكثر.. بمعنى الأثرياء وأصحاب الوجاهة.
بالمثل تجاهلت الطبقة السياسية في بريطانيا وضع العبيد الذي تواصل لسنوات أخرى. الى حدود 1848 في فرنسا و1863 بالولايات المتحدة. يعني 74 عاما بعد صائفة الإعلان عن المبادئ الإنسانية تلك. إنّ خوضك غمار الإبحار في القضايا المطروحة، داخل هذا الكتاب، من حيث طريقة طرحها والإجابة عليها، يجعلك أقرب لفهم الراهن العربي وتداعيات سقوطه وهشاشة طبيعته السياسية والاجتماعية. فالمحاور (ناجي الخشناوي) ملمّ إلماما واضحا بالنتاج الفكري للحبيب الجنحاني، وله رؤية نقديّة وعلميّة للراهن العربي، حتّى أنّ القارئ الجادّ ينتبه لقدرة ناجي الخشناوي على طرح أسئلته بطريقة «الفخّ»، كي يجرّ محاوره لحقول ثقافية وسياسية ملغومة أو من الصعب اقتحامها، بما يتوفّر من كمّ نظريّ لم يعد يف بالحاجة.
سياسات التعديل أو الليبرالية الجديدة:
إنّ المتمعّن في القسم المخصّص «للحداثة»، يلتفت للإعجاب الأعمى بقيم الحداثة، بل وكأننا أمام الحبيب الجنحاني وهو يُبرّر للقمع السياسي والعسكري وتدخّل القوى الاستعمارية عبْر الاستعمار التقليدي والحديث.
نفهم قوله: أنّ عصر الأنْوار سمح «بغرْس قيم الحريات العامة، وقيم العقلانيّة والمواطنة وفصل الدين عن السياسة...» ولكن إذا لمْ تتنزّل هذه الحريات والقيم إلى أرض الواقع، فما الداعي لأن ننادي بها، بل الأدهى من ذلك، أنّ الدول الغربية مهد هذه الافكار، هيّ التي تنادي بها وتطالب بترسيخها في خطابها الرسمي الموجه للاستهلاك الداخلي. وتعْمد في الوقت نفسه الى دعم الحكومات العسْكرية والاستبدادية وقمع حركات التحرر وانتهاك سيادة الدول، وحتّى للالتفاف على القرارات الامميّة.
وهذا ما يفسّر ـ تحديدا ـ «ظاهرة الردّة التي تغزو المنطقة العربيّة (...) برفض الآخر والعودة الى نماذج تاريخيّة مرّت عليها قرون عديدة». فالمواطن العربي المطحون بين مطرقة السلطة المتخلّفة والاستبدادية في وطنه، وبين سندان الدول الاستعمارية التي لازالت تضرب بالقوانين الدوليّة عرض الحائط... من حقّه أن يرفض الآخر، ويُدين هذه القيم «التنويريّة» التي لم تحمه من هذا الاسْتبداد المزدوج، وهو ما ذهب إليه ناجي الخشناوي أثناء طرحه للسؤال السادس، وكأنّه كان مقتنعا أنّ الردّة لم تأتي رغبة في القديم وهروبا من التقدّم ولكنها رغبة في البحث عن الأفضل / المغاير.
لن أقول أنّ القديم هوّ الأفضل، ولكنّه الأضمن من وجهة نظر المواطن العادي وبالنسبة للحركات الأصوليّة... طالما أنه (القديم) وضع أقرب للفهم من الحداثة المغلّفة بقيم ضبابيّة المفهوم والتطبيق. وهو ما يعني أنّ الغرب ليس متعددا كما ذهب الى ذلك الاستاذ الحبيب الجنحاني، بل هو واحد، يجمعه نفس الخطّ الليبرالي. خطّ ليبراليّ مُعادي، عبر أهداف التنمية وسياسات التدخّل والاحتلال، وحتّى السكوت عن انتهاكات دول لدول أخرى «ذات سيادة».
«فتطبيق سياسات التعديل (الليبرالية الجديدة) في عدد من بلاد العالم الثالث أسفر عن نتائج غير متوقّعة بعضها عدائيّ...» هكذا صرّح «روبيرتز» و»إيمي هايت» في كتابهما المشترك «من الحداثة إلى العولمة» فكيف يكون الغرب متعدّدا، وهو يدير ظهره للمسائل الحقوقيّة والإنسانية وانتهاك سيادة الدول ضدّ فلسطين والعراق والصومال وأمريكا اللاتينية....
إنّ الحداثة التي لم تفرز شيئا آخر غير التقدّم التكنولوجي، حسب الاستاذ الحبيب الجنحاني... تُساهم في «التعرّف الى سلبيات الظواهر الاجتماعية» كالعنف، غير أنّ هذا «العنف» زاد تطوّرا وانتشارا وحرفيّة، ومرّ لتجارة الجنس والأعضاء البشرية والجريمة المنظّمة وغسل الاموال... ولم يثبت أنّ التكنولوجيا ساهمت في التقليل من هذه الظواهر.
بالمثل لم تسْمح هذه التقنيات «بوضح حدّ للتصفيات العرقيّة والطائفيّة» فأين الحداثة في وضع حدّ للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وقضيّة كشمير وحروب إفريقيا جنوب الصحراء ودارفور والصحراء الغربيّة، وحتّى قضيّة الإرهاب التي جاءتْ نتيجة الحداثة، صحيح هيّ نتيجة وضع داخليّ، ولكن انتهاك سيادة الدول والتدخل في شؤونها وعدم القدرة على إيجاد حلّ للصراع العربيّ الاسرائيليّ... من الاسباب الدافعة لانتشار المدّ الأصولي المتطرّف.
إنّ القول أنّ الحداثة تساهم في إيجاد حلّ للصراعات الإثنيّة والطائفيّة، تبرير مردود على صاحبه.
إذن، لا يمكننا التباهي بهذه القيم إلى حدّ الانصهار في الآخر... هذا الآخر / الغربي تعوّد إنتاج «مفاهيم» حسب قياسه ومصالحه ونحن نسْتهلك ونعدّل الواقع على تلك المفاهيم التي من المفروض أن نعدّ لها قياسا على واقعنا على غرار حقوق الانسان والحداثة وما بعد الحداثة والعولمة والارهاب والشرق الاوسط الجديد أو الكبير (لا فرق...) فهل أنتج العرب أيّا من هذه المفاهيم او ساهموا في إنتاجها؟... بالطبع لا... لا... إننا نحتاج الى حداثتنا نحن ومفاهيمنا نحن وثوراتنا نحن.. ولا داعي هنا لتبرير تغيير الواقع العربيّ بواسطة الحوار والاحتجاج فالآخر (السلطة العربيّة) لا يعتبرك مؤهلا لأن تنقده. إنه واقع لا يتغيّر إلا بالثورة... ثورة المواطنين والتقدميين والعمال والمضطهدين والمثقفين... على هذا الواقع المتهرئ.
إنّ التجارب الإنسانيّة وحياة الشعوب الدول، علّمتنا ذلك.
ملاحظات حول العولمة
أود هنا أن أُعلم الأستاذ الحبيب الجنحاني أنّ كتابه «العولمة والفكر العربي المعاصر»، لم يكن مبادرة في هذا المجال مثلما صرّح، ذلك أنّ الموضوع صدرتْ في شأنه عشرات الكتب، نذكر منها على سبيل الذكر لا الحصر:
ما العولمة: حسن حنفي وصادق جلال العظم، سنة 1999 وطبعة ثانية سنة 2002.
تحديات العولمة والتخطيط الاستراتيجي: أحمد سعيد مصطفى ـ 1998.
العولمة والهويّة الثقافية (عشر أطروحات): مركز دراسات الوحدة العربية ـ 1998.
حوار الثقافات وصراعها العولمة والوشائجيّة الجديدة عبد الرزاق عيد ـ 1998.
فخّ العولمة: هانس ـ بيتر مارتين وهارولد شومان ـ ترجمة رمزي زكي ـ 1998.
وعشرات الكتب والدراسات والمقالات الصادرة في الدوريات العربيّة.
هذا بداية وثانيا، أريد أن أسأل الاستاذ الجناحني: هل هناك عولمة من وجهة نظر عربيّة؟ أو إفريقية أو جنوب أمريكية؟ بالطبع لا إذن، هل أن كل هذا الجهد السياسي الاقتصادي هو إنسانيّ بحت، الغرض منه خدمة الانسانيّة؟
لماذا تناسى الاستاذ «تحليل التجارب الحيّة، الاستقلال، وتبعيّة الاطراف للمركز»، خدمة العولمة في دعم هذا الهدف؟
ألا زال الأستاذ الحبيب الجنحاني يرفض أنْ تكون العولمة «غطاء جديدا لأحد أشكال الهيمنة»؟ ألمْ يُعرّف صادق جلال العظم العولمة على أنّها «حقبة التحوّل الرأسمالي العميق للإنسانية جمعاء في ظلّ هيمنة دول المركز وبقيادتها وتحت سيطرتها وفي ظلّ سيادة نظام عالميّ للتبادل غير المتكافئ».
إنّ العولمة ليستْ شيئا آخر غير الامتداد الأفقي للرأسماليّة، لكن بطرق تمكّن من نقل وسائل الإنتاج الى الاطراف، هذه الاطراف التي لازالت تقبع تحت براثن التخلف السياسي والفقر والصراعات الإثنيّة وغيرها... مما يجعلها أحيانا كثيرة غير مؤهلة لفهم الظاهرة، فقضاياها الأهمّ الغذاء والتنمية والفقر والسيدا وحتّى بعض الامراض التي لا يقبل العقل بوجودها في القرن الحادي والعشرين. فهل العولمة لحلّ هذه المشاكل البشرية المتراكمة؟ أم بحثا عن يد عاملة رخيصة ومواد أولية لصالح الشركات المتعدّدة الجنسيات.
لماذا أقصيت الديمقراطية؟
تساءلتْ لما وجدت الكتاب يتوفّر على ثلاثة أقسام: الحداثة والحريّة والديمقراطيّة، ومردّ تساؤلي، لماذا كان عنوان الكتاب «الحداثة والحريّة»، ولم تقع إضافة «الديمقراطية» لعنوان الكتاب؟ خاصة وأنّ مفهوم الديمقراطية أكثر المفاهيم المغيّبة عن الساحة السياسية العربية فلا انتخابات نزيهة ولا أحزاب ولا مجتمع مدني ولا تداول سلمي على السلطة.
فالدول الناشئة، ومنذ حصولها على الاستقلال يحكمها «الحكم العسكري أو نظام الحزب الواحد الشمولي» كما جاء في أحد أسئلة ناجي الخشناوي.
فلماذا أُقصيت الديمقراطية من على غلاف الكتاب؟
هل هي حركة رمزيّة عاكسة لإقصاء الديمقراطية من الساحة السياسيّة العربيّة؟ أم هو سهو غير متعمّد؟ إنّ الشرطية التي أوجدها الحبيب الجنحاني لوجود الحريّة هي الديمقراطية حتّى أنّ التفريق بينها أو إقصاء واحدة، تعدّ محاولة إيديولوجية سافرة ومشبوهة.
فالحريّة الفرية التي يجب أن تفتكّ عبر النضال الوطني... نضال مكونات المجتمع المدني، هيّ التي ستمكّن الفرد من كسب القدرة على أن يطالب بالديمقراطية والتحزّب والانتخاب والتداول على السلطة وحرية التعبير... وهي كلها تصبّ في «ثقافة المقاومة»، أيْ الثقافة التي تمكّن الفرد من أن يكون محصّنا ضدّ الإيديولوجيا الأصوليّة والايديولوجيا الاستعمارية وإيديولوجية الاحزاب الفاشيّة... وبالتالي له القدرة على حماية «الوطن» من التدخل الخارجي بفعل الحصانة الداخلية إنه ترسيخ لمفهوم «السيادة».
مفهوم كنتُ أتمنّى ان يقع التعرض اليه اثناء كل الأسئلة المطروحة وخاصة في القسم المخصص للحداثة. كيف يمكن الحديث عن العولمة والحداثة دون التعريج على مفهوم السيادة بإعتباره مفهوما أعادت السياسة الدولية المحتكرة من طرف الولايات المتحدة الامريكية... أعادتْ طرحه من جديد ذلك انّ هذه الحداثة التي دعّمت المكاسب التكنولوجيّة، دعّمت بالمثل قدرات الدول العظمى على التجسس والتنصّت ومراقبة الحدود والاعتداء على سيادة الدول بكل هذه الطرق... فضلا عن التدخّل العسكري المباشر.
إنّ مرورك على متن كتاب «الحداثة والحريّة»، لا يجعلك تكتفي بالقراءة لأنّ القراءة في مثل هذا العمل هيّ مستوى الدلالة الصفر كما يصرّح بذلك «رولان بارط»، فالكمّ الهائل من القضايا التي عالجها هذا الكتاب، يجعله مرجعا للأفكار القابلة لإعادة البناء عليها وتحليلها، كأننا بالاستاذ الحبيب الجنحاني قصّر في إجابات عديدة، دافعا إيّانا الى البحث و»التفكيك» في الوقت الذي بذل فيه ناجي الخشناوي قصارى جهده لحفر ذاكرة محاوره، بأسئلة مراوغة ومفخّخة، سهّلت على القارئ وضع إصبعه على عديد الإشكاليات السياسيّة والحقوقيّة.
إنّ الحبيب الجنحاني بمؤهلاته المعرفية والبحثيّة، وناجي الخشناوي بثقافته وقربه من الحدث السياسي الحقوقي... تمكّنا من فكّ عديد الشفرات الخاصة بالراهن السياسي العربي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب الحداثة والحريّة: حوار أجراه ناجي الخشناوي مع الاستاذ الحبيب الجنحاني، الشركة التونسيّة للنشر وتنمية فنون الرسم، ط 1، فيفري 2007.

الخميس، 20 مايو 2010

نصوص شعرية

في انتظار سقوط البرج



قال البرج الأول :


ـ ما الدوار الذي اعتراني ؟


أ لأنني الأعلى ؟


............


قهقه البرج الثاني كمن فاجأه التبوّل


غير أنّ السقوط أطاح به أيضا



           * * *

ما الدوار الذي اعتراهما ؟


هل الشمس أنْشبتْ مخالبها في الارتفاع ؟


( نعرف أنّ الحُرْقة أشدّ ضراوة كلما اقْتربت )


وقيل جهد عرقه أسْود


هل كلما علا بُرج هوى ؟


على قياس: كل شيء إذا ما تمّ...


تمّ البناء .. تمّ البناء .. تمّ ...


ثمّ هــ


            ـو


                     ـى ..


السقوط بناء جديد


أبْصقْ في الأرض


هل ما بصقْتَ بناء جديد ؟



ضجّتْ سراويل برجولة الخصْيان


... أزْبدتْ .. أرْعدتْ ...


قلنْسوّة الحاخام الأكبر


غيّرتْ لونها للتمْويه


الأناجيل أشهرت حروف المدّ


ونقاطا مُفخّخة ضدّ الإرهاب


..................


عصافير كثيرة خضّبتْ سيقانها بالحناء


نمل نشر مؤونته لشمس البيادر


قالت نملة تُغطي وجهها مخافة الاغتيال :


ـ لم تكن شمس قبل سقوط الفضْح


وقالت أخرى نسيتْ أظافرها في سجن كابول:


ـ كل عام سقوط جديد ونحن بخير

          * * *
الْتقطت آذان الخفافيش


حوار التبوّل في الدساتير الدوليّة


ورتّبتْ نوايا يهوديّ تفاصيل أخرى


صورتْ " عشْتار" تزْحف بالفؤوس إلى حائط المبكى


و" الليطاني " عبّأ جيوبه بالبارود


و الصدف النهريّ..


يعضّ بأسنانه نفقا للهيكل الوهْميّ


...........


رتّبتْ نوايا يهوديّ تفاصيل أخرى


غير أنّ القمر المُخاتل


كشف السّحالي تتربّص بفِراخ لا تقْدر على الحُلم


غير أنّ رماد السقوط طال إنارة قبل القصْف

     * * *


سقط تمْثال جديد


صوّت الجميع ضدّ الإرهاب

الاثنين، 17 مايو 2010

"ليس الماء وحده جوابا عن العطش" لأدونيس

تمجيد الموت
في " ليسَ الماءُ وحدَه جوابا عن العَطش " لأدونيس



ليس الماء وحده جوابا عن العطش *، مثلما نعرف ـ تماما ـ لأنّ الحياة وحدها ليْست جوابا عن الموت. ألم يقل شاعر ذات عصر جاهليّ:
ليس من مات فاسْتراح بميْت
إنمــا الميّت ميّت الأحيـــــــاء
الموت هنا، هو العطش، أو تحديدا ـ ونحن نقلّب التراكيب ـ العطش هنا هــــو الموت.
الموت بمعناه المادي / البيولوجي، والموت بمعناه الرمزي .
هكذا احتفل أدونيس بالموت في كتابه هذا ونحن نقرأ هذا العمل الرائع الصادر عن مجلّة " دبي الثقافيّة "، إنما نتشيّع لهذا الجهد الثقافي الداعي لرفض مراكمة الموت الثقافي في وطننا العربي .بالمثل ترانا نحفر في هذا العمل الأخير لأدونيس حفرا أركيولوجيا لنتعثّر على عتبات السطور والأفكار والسواد والبياض، على معنى الموت الحاضر حضورا لافتا في " ليْس الماء وحده جوابا على العطش " ... موت حاضر بالمثل في واقعنا العربي السياسي والثقافي، عمد أدونيس إلى رصده وهو يتتبّع أسماء الدول و المدن التي مرّ عليها أو مرّت به : اليمن ـ أغادير ـ الإسكندرية ـ فلسطين ـ قرطبة ـ عمان ...
بهذا يثبت أدونيس أنه شاعر كونيّ يعالج قضايا وجوديّة ـ إنسانية مطلقة ( مثل الموت ) وهو مع ذلك شاعر خصوصيّ ملتصق بالطين :
أقرأ الواقع وأتساءل حائرا
أهو الشجرة
أم الريح التي تداعبها ؟
الواقع ؟ أحلام في ثياب العمل
. ص117
ليس الموت وحده يقضم تلابيب المعاني هنا، ولكنه المعنى الأكثر جلاء وانتشارا والأكثر قدرة على أنْ يفتكّ دهشتنا. الآن وهنا في أوطاننا ترانا أقرب لموت آثر أنْ ينبت في تربة أراضينا المالحة، في العراق وفلسطين :
" طاب نومكم في أحضان الشظايا " ص76
وفي أحضان الآلة العسكريّة الهمجيّة في زمن العولمة و" الحداثات " المختلفة والأقطاب أو القطب الأوحد ...
وكانت الحداثة خاتما
يتلألأ في عالم
يتحوّل إلى إصبع إلكترونيّة
في يد نيويورك
ص 17
مع ذلك للموت أشكاله الأخرى الرمزيّة و المعرفيّة. موت خيّم على سماء عالمنا العربيّ وشرقنا العربيّ ومدننا و قرانا :
تُرى ألن تعرف سماء العرب كيْف تُظلّل شيئا آخر
لا يُظلل القتل ؟
ص 60
يقتلنا السلاح المسْتورَد والحروب المسْتوردة والحكومات المسْتوردة والأفكار المسْتوردة والقوانين المسْتوردة ... لهذا تبنّى المواطن العربيّ فكرة الموت ومجّدها . حبا في الموت حينا ... نقمة في الحياة أحيانا ... " شهادة " أحيانا أخرى ... انتحارا ... تدميرا ... تمجيدا ...

و مَن أولئك الذين يموتون لا لشيء
إلا لتمجيد الموت
ص 34

حتّى صار الموت صناعة في يد الإيديولوجيات المختلفة دينيّة وسياسيّة و ثقافيّة.. وبدا وكأنّ الموت أكسير الحياة أو هو النافذة التي نطلّ منها على مشْهديّة الخلود :
بدا الموت كأنه السحر الذي يفتح الأبواب المغلقة
وبدت الحياة
كأنها غيوم من البكاء
ص40
إنه التوادد والسجال بين مفهومين تواجـدا وترافقا وتضادا منـذ الطعام الأول
" الذي هيأته حواء لآدم ".
أدونيس مجّد الموت وأعلاه رغم انتصاره للحياة وللحبّ وللحلم، وهو يقيم منذ الكلمات الأولى في الشعر، وبه يؤسس عالمه الخاص وسماءه الخاصة التي تدثره وتحمي " طيور أفكاره " .... إننا لا نكاد نعرف الأشياء إلا بأضدادها.
أليس بوسعنا الحديث عن القمع والاسْتبداد لما نرنو إلى الحريّة ؟
أليس بوسْعنا الحديث عن الحرب والخراب لما نعرّف السلم ؟
أليس بوسْعنا الحديث عن القبح لما نعرّف الجمال ؟
والعطش أليس جوابا عن الماء ؟
صحيح أنه ليس الجواب الوحيد، لكنه أحد الإجابات الممكنة، مثلما كان الموت هو أحد الأجوبة الممكنة عن الحياة / البقاء:
" ما أشْقى وضوحك أيها الموت " ص 75

ولأنّ أدونيس لم يكن يقيم على أرض هلاميّة وافتراضيّة، بل على أرض
" يحسن رؤية نفسه ويُحْسن معرفتها " لهذا كان أقرب إلى الموت القابع في الشوارع والأزقة والمنعطفات وبين الأجساد. وكيف تتحوّل هذه الأجساد في شوارع بغداد والأحياء الفلسطينيّة إلى خوذات تقرفص على رؤوس العدم / الفناء . ألم يتساءل أدونيس :
لماذا يبدو " الجسم " في الثقافة العربيّة ـ الإسلاميّة مرذولا ؟ ولماذا " يُدمّر " يوميّا باسْتخفاف واحتقار، وعلى نحن منتظم بشكل أو آخر ؟ ص 44
إننا فعلا أمام حالة لتمجيد الموت في عالمنا العربيّ والإسلامي، اسْتطاع أدونيس أنْ يلتقطها بذكاء وحنكة العارف بالسندات . وأثْبت أدونيس ـ وهو لا يحتاج إلى إثبات من شخصي ـ أنه يعوّل على واقعه وفكّ شفراته في تعامله مع اللغة ومع النصّ، وأنه يفنّد زعم من يدّعي أنّ نصوص أدونيس هلاميّة وزئبقيّة ولا إمكانية لتنْزيلها إلى أرض الواقع .
فأدونيس في " ليس الماء وحده جوابا عن العطش "، وضع إصبعه على عالمنا التواق للارتواء والفكاك من حالة العطش التي يعيشها،ولكن عطش ليْس للماء فحسْب ، بل للحياة والحبّ والجمال والحريّة .
" فالنار في كلّ صوْب. أين، إذن، سمنْدَلاتُ الحريّة،
تلك التي تحوّل النار إلى ماء
" ص99

الأحد، 16 مايو 2010


الزمان:01/01/2010

أدونيس مرة أخري

المهدي عثمان

- يعرّف أدونيس قصيدة النثر باعتبارها كلمات عادية مشحونة بطاقة غامضة ـ شكل يجري فيه الشعر كتيار كهربائي عبر جمل وتراكيب لا وزن لها ظاهريا، ولا عروض ـ عالم متشابك كثيف مجهول غير واضح المعالم (1) إنّ مثل هذه التعبيرات المراد بها تعريفا أو شرحا أو تفسيرا أو حتي إبداعا (شعرا أو نثرا)... هذه التعبيرات، هي التي ساهمت في جعل قصيدة النثر غامضة ومعتّمة وأقرب للإبهام منها إلي الوضوح. فأنْ يقول أدونيس أنّ قصيدة النثر مشحونة بطاقات غامضة ـ شكل يجري فيه الشعر كتيار كهربائي إنما هي محاولة من أدونيس للهروب من التفسيرات الواضحة لمثل هذا الجنس الكتابي المستعصي. فاللغة هنا تحدّثنا عن غموض في قصيدة النثر بلغة غامضة، وكأنّ ما ينطبق علي تلك الجملة، هو ما ينطبق علي قصيدة النثر. كيف يمكن إذن، مقاربة مفهوم قصيدة النثر عند أدونيس وهذه الأخيرة غارقة في عالم متشابك كثيف مجهول (و) غير واضح المعالم ؟ إذن، كيف نفهم مثل هذا القول؟ هل قياسا علي مقولة بول فاليري لقصائدي المعني الذي يُسْند إليها ؟ فنقول" لمقولاتي المعني الذي يسْند إليها؟وإنْ كان ذلك صحيحا لما يتعلّق بالشعر، باعتباره يسْتدعي ذلك الاختلاف والتنوّع في القراءات، دفاعا عن " أبدية " الشعر وتجدده " فكل قراءة تقويض لقراءة... ولا يحمل هذا التقويض معني الإلغاء والإفناء " (2)بالمثل لا يحمل الوقوف عند فكرة واحدة ومعني واحدا اعترافا أنه ما اصطلح علي تسميته " بجمالية التلقي "، لما نتحدث عن العلاقة بين النص و القارئ. وهذا مفهوم ترجمه سعيد خرو عن كلمةRezeptionsasthetim ... لما يتعلق بالشعر، فإنّ تأويل "النثر " يستدعي الوقوف والتمهل.فهل مقولة أدونيس في تعريفه لقصيدة النثر، أريد بها توضيحا للمفهوم أم إيغالا في التعتيم؟و هل يمكن أنْ نجزم أنّ قولا غير مفهوم ومعتّم وزئبقيّ، هو قول لا يقول شيئا؟بودلير و رامبو و مالارميه أم " أنّ ذلك العالم المتشابك الكثيف المجهول " يمكن أنْ يفكَّك و يٌبْسَطَ ويصير واضحا؟أم أنّ مثل هذا التحوّل الجوهري لعالم قصيدة النثر من شأنه أنْ يُفقدها جوهرها ومعناها الحقيقي أو طبيعتها التي هي ذلك " التشابك " و " الكثافة " و " الغموض "؟فهل هذا ـ إذن ـ ما قصده أدونيس أنّ " علي قصيدة النثر ألاّ تتعارض مع صفات المجانية والغموض والكثافة "؟ (3) وهي نفس الفكرة المأخوذة عن سوزان برنار بل حتّي شعراء من أمثال بودلير و رامبو و مالارميه " أكّدوا مفهوم الغموض في الشعر وكتابة قصيدة النثر " (4) وهذا ما يدعّم فكرة أنّ الإبهام/التعتيم من شأنه أنْ يبتعد بالقصيدة عن الشعور والعواطف، نحو الفكر والفلسفة.فإذا وضعنا علي طاولة التشريح، نصوص نزار قباني ـ مثلا ـ يصعب أنْ نتعثّر علي عتبات قصيدة واحدة معتمة وعقلية أو ذهنية أو " موضوعية " ، بحيث تدفع القارئ للبحث أو لاسْتخدام المعاجم الفقهية والفلسفية والسياسية. وإن كنا باسْتدعائنا لنزار قباني، لا نخلط بين قصيدة النثر والقصيدة الحرة التي يكتبها هذا الشاعر... إلا أنه لما يتعلق بالغموض، يبدو جليا اقتراب قصيدة النثر من هذه الجهة المعتمة نحو الإبهام.فأدونيس يؤكد في نصوصه " ذلك التلازم الدائم (..) بين الشعر والفكر. حتي إنّ أشعاره ليست إجمالا في منأي عن إعمال الفكر "
(5)فالجُمل الشعرية تكاد تكون مقتطعة من كتب فلسفية، بحيث من الطبيعي أنْ يكون " تلقي هذا الشعر أكثر صعوبة من تلقي غيره " (6) بسبب ما يلتصق به من غموض وضبابية وربما الوصول إلي التعتيم أو الإبهام المطلق.وإن بدا أدونيس غير مقتنع بفكرة الوصول بالشعر إلي مرحلة " الإبهام المطلق " إلا أنه يعترف بضرورة أنْ لا يناقض النصّ " العامل الحضاري " (7) بل يتماهي معه تجسيدا " للبعد والحدس والعمق في الشعر " (8). لذلك يقول أدونيس في زمن الشعر " بضرورة ربطه (الشعر) لا بالعاطفة والمشاعر فقط، بل الشعر مع ذلك " هو ما يمكن أنْ نسميه الفلسفة. فهؤلاء الشعراء (يقصد غوته و دانتي وشكسبير) عبروا خلال عواطفهم وانفعالاتهم عن العالم. كان لهم معني آخر. رأي في العالم وموقف منه... كانت لهم فلسفة " (9)نفهم باطلاعنا علي أدبيات دانتي وغوته وشكسبير، مدي ما وصل إليه أولئك الشعراء في تعاملهم مع الواقع ودفعهم نحو تغيير السائد، وأخذ موقف من الرداءة... غير أننا لا نذهب مع أدونيس في اعتبار قصيدة النثر العربية أخذت تلك الوجهة، باسْتثناء بعض التجارب.فالحداثة غيّرت في الغرب ما لم تغيّره و ما بعد الحداثة والعولمة مجتمعة في العرب.مع ذلك " فالموقف " يكاد يكون غائبا عند شعراء قصيدة النثر. وهو ما جعل " حزب المحافظين " يعتبرها بداية أو بالأحري نتيجة للأزمات المختلفة التي يعيشها الراهن العربي. من ذلك أنّ عبد المعطي حجازي اعتبرها نتيجة للعولمة أو الأمركة (وهو خلط ينم عن جهل) وهزيمة 1967 " مما أدي إلي انحطاط اللغة وتوقف الإبداع واسْتفحال التيارات المعادية للعلم والحرية " (10)وإنْ كنت تعرضت لمواقف حجازي المتطرفة من قصيدة النثر، إلا أنّ موقفه ذاك هو صدي لمواقف أخري متعددة . فقصيدة النثر عند نسبة كبيرة من شعرائنا لا تتبنّي " موقفا " من السائد والراهن، بل عوّلت علي الذاتيّ والتمحور حول الذات Egocentrismeبل تذهب قصيدة النثر إلي أبعد من ذلك بطموحها " إلي الانفصال عن الواقع (..) والنأي عن تمثيله " (11)و لما نسْتدعي هذا الواقع، إنما نسْتدعي ما أثير حول هذا النصّ من شبهات.وخاصة بإصدار مجلة " شعر " التي تزامن إصدارها لأول مرّة مع العدوان الثلاثي علي مصر، ثمّ توقفت وعادت للصدور قبل انطلاق حرب 1967 بأشهر.مع أنّ أغلب المؤسسين يحملون توجهات قومية، بل هم أعضاء في أحزابها، مثل يوسف الخال وخليل حاوي. بل احتضنت مجلة شعر إبداعات ليبرالية وحتي شيوعية. نذكر نازك الملائكة و السياب و فدوي طوقان وسعدي يوسف والبياتي وعبد الصبور وسلمي الخضراء الجيوسي..إننا هنا ـ ونحن نسْتحضر قصيدة النثر ـ كأننا أمام مدارس تشْكيلية، كالتكعيبية و الدادائية... مدارس عند انفصالها عن الفن الكلاسيكي، أو بالأحري عند اكتمال مشْروعها فصلتْ بالمثل مع الواقع.وصار من المسْتحيل أنْ نعثر علي موضوع تمثله اللوحة التكعيبية.صحيح أنّ اللوحة لا تخلو من موضوع، لكن أيّ موضوع؟إننا نقف أمام مادة زئبقية يصعب الإمساك بها، وصارت هذه الزئبقية هي مطلب الفنّ.إننا بحق أمام " الاعتباطية ". بمعني أنْ تقول كلّ شيء عدا أنْ تقول ما يتعلق بالراهن والسائد و الواقعيّ. وإنْ كان ذلك صحيحا، لما يتعلق بالنهضة الأوروبية وما وصلت إليه تلك الحضارة، من حالة رفاه وسَمتْ حالة المجتمعات، وقطعت تلك الشعوب مع الفقر والأوبئة والتخلف... إنْ كان ذلك ممكنا فإنه لما يتعلق الأمر بالعالم العربي، تبدو محاولة إيديولوجية سافرة ومشْبوهة، الغرض منها التعتيم علي الواقع وتجميل القبح. فهل " علي القصيدة أنْ تقطع جميع الحبال التي تربطها بما يبررها " كما نادي بذلك كوكتو؟يبدو أنّ هذا ما ينفيه أدونيس.ولكن هذا الموقف (عدم القطع مع الواقع) تبناه العشرات بل المئات من كتاب قصيدة النثر، وحتي أدونيس نفسه يحب أنْ يعترف أنّ رفضه للقطع مع الواقع، لا يعني التعبير عنه بمفاهيم ومواقف وجمل مبهمة لا يفهمها إلا هو.أي أنه مطالب بالإجابة عن سؤال:لم لا تقول ما يفهم؟وكيف نفهم قوله مثلا:
توسّدوا سندسَ الله،
أو اسْتسْلموا لدولاب الآلة ،
سوف يقْتفي، وهو الجامح، طبقات التكوين السّفلي
مُزوّدا بماءٍ يحمل الغواية
في كينونة ـ نصْفها رصاص ونصفٌ أسْطورة
في فيض أشْلاء
حيث تشْطح العناصر وتتهتّك المادة (12)
أعرف قدرة البعض علي ارتداء الأحزمة الناسفة للتفسير والتأويل.بل ربما قدرة علي التعسّف علي المعني... إرهاب المعني.إنّ تأويلا قسريا، معناه تنزيل مفهوم " الإرهاب " من معجمه السياسي إلي المعجم الشعري ، أي أنّ هؤلاء بإمكانهم ـ تبعا لذلك التعسف ـ أنْ يمارسوا إرهابا ما علي المعني.نحن لسنا ضدّ التأويل و الشرح والتفسير، لكن ضد إدخال الأرجل في الأحذية الضيقة. فالشعر " نشاط بشريّ يتجاذبه قطبان: العادة والإبهام. و قدره يتمثل في الإفلات من كليهما، حتي يهادن العادة ولا يرتاد الإبهام " (13)فكيف يسْتريح الشعر في ظلّ هذا التجاذب بين العادة والإبهام؟فمحمد لطفي اليوسفي (والقول له) موقن أنّ الوقوف علي العادة رداءة وتكرار، والذهاب إلي الإبهام طلاسم وتعتيم واختناق. وهذا موقف سانده فيه الكثير من النقاد.اشكاليات قصيدة النثروقد علمْنا أنّ المتلقي إذا عجز عن فكّ أزرار المعني، معناه بتر حبال التواصل بينه والشاعر/ الباث.لذلك يذهب اليوسفي إلي أنّ " الغموض " هو سرير الشعر ومخدعه... هو المكان حيث يسْتريح.وبعودتنا لأدونيس نصطدم بسؤاله:لم لا تفهمون ما أقول؟ردا علي سؤال: لم لا تقول ما يُفهم؟لندخل تبعا لذلك في جدل التوادد والسجال بين الباث والمتقبل. أيهما مطالب بالتواطؤ مع الآخر.هل ينزل الشاعر لأرض الداصة والدهماء كما يقول الجاحظ؟ أم ترتفع العامة إلي النخبة لتقطع مع الاسْتسلام " للمرئي السهل ضدّ المقروء الذي يتدنّي يوما بعد يوم " (14) كما ذهب إلي ذلك إلياس لحود؟إنّ أدونيس مع ذلك واحد من أهمّ المنظرين لقصيدة النثر العربية، ورغم هذا الامتياز أو السبق، لا زال غير قادر تماما علي تحديد ملامح ذلك الجنس من الكتابة. بمعني لم يسْتطع إعطاءها لباسها المفاهيمي. حتي أنه ـ وهو يردّ علي أسئلة بعض القراء لجريدة الحياة اللندنية سنة 2001 ـ اعتبر مصطلح قصيدة النثر " مفكك ومتشعب ومتناثر، حتي أنه يكاد يفقد دلالته الأساسية. حيث تحوّل في الكتابة العربية إلي طينة يمكن أنْ نسميها الكتابة الشعرية. نثر " (15)وهذا المفهوم تداولته الأقلام النقدية، واعتمده بعض النقاد والشعراء. بل هو(الكتابة الشعرية.نثرا) من الأسماء التي جمعها عز الدين المناصرة في كتابهشكاليات قصيدة النثر " إضافة لـ 23 اسما.إنّ ما طرحه أدونيس في الإجابة عن بعض الأسئلة التي طرحها عليه القراء في جريدة الحياة اللندنية، أضاء عديد الزوايا المعتّمة الحافة بقصيدة النثر، لعلنا نلخصها في النقاط التالية والتي كان أدونيس يخشي حدوثها:
1 ـ شيوع الكلام علي أنّ قصيدة النثر بدأت تحلّ محلّ الشعر أو محل قصيدة الوزن وهذا كلام يتبناه المحافظون الذين يتهمون كتاب قصيدة النثر بتبني القول الذي معناه إقصاء قصيدة النثر لأصناف القول الأخري والحلول محلها.و هذا ما ذهب إليه أحمد عبد المعطي حجازي في كتابه الأخير بالقول أنّ قصيدة النثر يقدمها الشعراء " كنوع مسْتقل (..) بل يعتبرونها بديلا عن القصيدة الموزونة " (16) وهذا قول مرده التسرع و عدم الفهم. لأن جميع رواد قصيدة النثر يتفقون علي أنها ليست بديلا لأيّ جنس آخر من الكتابة. من ذلك ما ذهب إليه أنسي الحاج في مقدمة ديوانه " لن": كلّ مرادنا إعطاء قصيدة النثر ما تسْتحق: صفة النوع المسْتقلّ. فكما أنّ هناك رواية وحكاية وقصيدة وزن تقليديّ وقصيدة وزن حرّ، هناك قصيدة نثر " (17)
2ـ أما النقطة الثانية، فهو شيوع الكلام علي أنّ قصيدة النثر اسم يتسع لجميع" المسميات" أو أشكال الكتاب لشعرية.نثرا.وهذا موقف ـ وإن كان يخشاه أدونيس ـ إلا أنه شاع وانتشر حتّي بين كتاب قصيدة النثر أنفسهم. حتي بتنا نسمع " حلول " القصة والرواية والخاطرة في قصيدة النثر.وبتنا نقرأ تجارب تجمع كلّ هذه الأجناس علي صفحة واحدة وتسميها قصيدة نثر بتعلة أنّ قصيدة النثر يمكنها أن تتسع لها جميعا. وهي تجارب نعتقد أنها جاهلة بالمفاهيم وغير مدركة لطبيعة قصيدة النثر.لذلك كثيرا ما نقرأ خلطا بين " قصيدة النثر" و " الشعر المنثور " و " في غير العمودي والحر "... و هذا الخلط هوّ الذي جعل عديد النقاد يحفرون في التراب الشعريّ بحثا عن " قصيدة نثر " تراثية أي سبقت في التوقيت مجلة شعر.من ذلك ما ذهب إليه الشاعر التونسي سوف عبيد حين اعتبر ألشابي ومصطفي خريف وأبو القاسم محمد كرو من كتاب قصيدة النثر.وإن حدد سوف عبيد نصوص مصطفي خريف مع انطلاق ديوانه " شوق وذوق " سنة 1965 ، وهو تاريخ يجعل من إمكانية كتابة قصيدة النثر بشروطها التي حددتها سوزان برنار و أدونيس بعدها... إمكانية متاحة.إن ذلك ممكنا مع خريف، فإنه لا يمكن تبني نفس الموقف لما يتعلق الأمر بالشابي ومحمد كرو. فالأول توفي سنة 1934، ولم يشهد حضور قصيدة النثر بمعناها الحالي كما هي الآن.و أما النصوص التي أبرزها سوف عبيد باعتبارها قصائد نثر، فإنها نصوص ضعيفة وتافهة لا يمكن أنْ تتجاوز حدّ الاختلاجات أو الخواطر. ثمّ أنّ احترامنا للشابي لا يجعل منه نبيا لكلّ العصور.وأنّ اعتباره كاتب قصيدة نثر، هي محاولة مردودة علي أصحابها، لأنه لا تتوفر عند ألشابي " قصدية " ما ليكتب ذلك الجنس من الكتابة.وهذا ينطبق علي الثاني.3 ـ اعتماد كتاب قصيدة النثر (الكتابة الشعرية.نثرا) علي القول أنّ ما يكتبونه مرحلة متطوّرة للشعر العربي.ويصروّن علي اسْتخدام كلمة " قصيدة "." فالقصيدة" هي القصيدة منذ حددها القرطاجنّي بشروطها العروضية والإيقاعية المضبوطة والمحددة.وهذا المفهوم وشبيهه لا يمكن أنْ نلصقه بقصيدة النثر أو " بالكتابة الشعرية. نثرا"، لأن أدوات وأسلوب وشكل قصيدة النثر مختلف وربما متناقض مع مفهوم القصيدة " باعتبارها عروضا.الكتابة الشعرية نثراوتبعا لذلك، أي تبعا لوجود ذلك الاختلاف والتناقض فإننا ـ وتبعا لتحديدات أدونيس ـ لا يمكن اعتبار قصيدة النثر مرحلة متطوّرة للشعر العربي.هي مرحلة من مراحل الشعر العربي... لنقل لاحقة أو متقدمة (لا نعني في الزمن الكرونولوجي). وإن كان مفهوم التطور لا يعني الأسبقية أو السبق بالضرورة. ذلك أنّ التطوّر قد يعني التقدم أو التأخر... يعني الحركة.حركة قد تكون في اتجاه ما، ولكن ليس الاتجاه إلي الأمام دائما.كتاب (الكتابة الشعرية.نثرا ينزوون وينكمشون في عدد محدود من الصياغات الكلامية، مسبوكة في جمل تتشابه حدّ التطابق. مما ولّد انطباعا بأنهم أخذوا يوغلون في تنميط النثر نفسه. أي أنّ هؤلاء الكتاب/الشعراء" جاءوا إلي الحرية لكيْ يقيّدوها " (18).وهذا واضح لما تتصفح نصوص كتاب قصيدة النثر لتكتشف " التطابق " و" التماثل " الحاد بين النصوص. بلْ أنك قد تكتشف تعويل عديد الشعراء علي نفس المعجم الطبيعي أو السياسي أو الجنسي...إذن، يمكن أن نلخّص أفكار أدونيس حول قصيدة النثر أو الكتابة الشعرية.نثرا، بالقول أنّ أدونيس وضع إصبعه علي الجرح الغائر فعلا، وهو يتلمس هذا الجنس من الكتابة.ولا غرابة فهو أول من وضع دراسة نقدية عربية واضحة المعالم والأركان عن قصيدة النثر.وإن كانت دراسته عوّلت علي كتاب سوزان برنار " قصيدة النثر من بودلير إلي أيامنا "، إلا أنّ " التناص "لا يُنقص مما قدّمه أدونيس شيئا.وإن كان حراس الشعر العمودي قد اتهموا أدونيس بمجاراة الغرب والأخذ عن حضارة أخري مناقضة لنا من حيث الثقافة والتقاليد والإرث الحضاري. ولم أسمع أنّ أحدا عارض أخْذ المسرح والسينما والفنون التشكيلية والعلوم بأنواعها... فلماذا هذا النقيق حول قصيدة النثر تحديدا؟إنّ أدونيس بطرحه لتلك المخاوف الأربعة، إنما خَلص إلي أنّ بنية الشعر غير زمنيّة، وإن ارتبطت بزمن ما.بمعني أنّ ما يميّز الشعر " الحق" حسب أدونيس هو بنيته وليست زمنيّته... هذا أولا.أما ثانيا، فيري أدونيس أنّ الشعر لا يجب أنْ يحاكي الحياة.لأنه سيتحوّل من قيمة متعالية وسرمديّة إلي سرد وتأريخ، وهو ما يعجّل بفنائه.علي أنّ الشعر ـ مرة أخري ـ لا يجب أنْ يناقض " العامل الحضاري " بل ينصهر فيه و يتماهي معه.فالشعر " لم يعد ـ بمعني آخر ـ للفائدة والمنفعة، بقدر ما أصبح عملا إبداعيا داخليا يجد فيه الشاعر تعزيته وخلاصه " (19) وهذا الخلاف/الاختلاف الجوهري بين مضمون القصيدة العمودية وقصيدة النثر.فالقصيدة العمودية الحاضرة في البيئة الجاهلية والعربية البسيطة لا يمكن لها أنْ تتجاوز واقعها ذاك وماديتها.فالشاعر عصرئذ متماثل مع المادة وحاضر فيها وبها. لذلك يبني رؤاه ونظرته انطلاقا من واقع الصحراء والخيمة وخبب الخيل وقرع السيوف... ولا يمكن ـ تبعا لتلك البيئة المادية البسيطة ـ أنْ يعبّر الشاعر عن رؤي وجودية وفلسفية وذهنية، لأنه لم يدركها.خلافا لقصيدة النثر الحاضرة في زمن التحولات الكبري، زمن ميزاته " تفعيلة الحياة لا تفعيلة الخليل: رفع فخفض وانطلاقة فنكوص واسْتتباب فانقلاب وأرض مطمئنة فزلزال وجفاف فطوفان وسلام عليهم وقنابل علي العرب وفيتنام وتخمة ومجاعة وناس تمشي عراة. آخرون يتقلبون مع الموضات وواحد يصنع طائرة والآخر " يملّسْ كانون " وأبولو والسرطان ساق علي القمر وساق في القبر وجسم ناشط فشكل وعرق نابض فسكتة قلبية.توقيع العصر مكسور مبتور بلا انتظام بلا انسجام لا مستفعلن ولا فعولن ويعدّ فاصل الشعر عند العرب الحداء والحداء قدّ علي وتيرة الإبل في سيرها.أفيركب الشاعر منا اليوم السيارة والقطار والطائرة ويزن الشعر بخطو الجمل ... هو شعر عصريّ " (20)هذا ما كتبه توفيق بكار وهو يقدّم لديوان صالح القرمادي " اللحمة الحية ".. و هذا ما شدّني لأعبّر عن واقع متداخل متمازج فوضويّ ساخر كاذب متهالك مخادع مخاتل... واقع يحتّم علي قصيدة النثر الآن أنْ تجاريه و تلبسه.هذا التضارب بين واقعين مختلفين، طرحه أدونيس في كتابه " مقدمة الشعر العربي " وهو يقارن بين القصيدة الجاهلية وقصيدة النثر (ضمنيا): "القصيدة الجاهلية كالحياة الجاهلية: لا تنمو ولا تُبني. وإنما تتفجّر وتتعاقب. والشعر الجاهلي صورة الحياة الجاهلية: حسيّ، غنيّ بالتشابيه والصور المادية. و هو نتاج مخيّلة ترتجل وتنتقل من خاطرة إلي خاطرة، بطفرة ودون ترابط (...) و لا تقدّم لنا القصيدة الجاهلية مفهوما للعالم، وإنما تقدّم لنا عالما جماليا.المفهوم يتضمّن موقفا فلسفيا، والفاعليّة الشعرية عند الجاهليّ انفعالية بعامة لا تُعني بالمفاهيم بل بالتعبير والحياة والواقع " (21)أما ثالثا، فيري أدونيس أنّ ما يجعل من الشعر شعرا ليس الوزن وليس النثر، بل هناك أشياء أخري ومقاييس أكثر أهميّة وعمقا. لا وزن، لا نثر، هناك معيار آخر لتمييز الشعرفما هو هذا المعيار؟إنها معايير لا نعرف إنْ وُفّق أدونيس في تنزيلها إلي تربة الشعر العربي. ذلك أنه ـ وتماهيا مع كتاب سوزان برنار ـ التقط أهمّ المفاهيم، بل كلّ المفاهيم/الأعمدة التي قامت عليها قصيدة النثر الأوروبية ، وهي حسب سوزان برنار:
*الوحدة العضوية
* المجانية
* الإيجاز
وقد حوّلها أدونيس أو عرّبها أو دجّنها أو غيّر خارطتها الجينيّة لتصبح:* إرادة البناء مقابل الوحدة العضوية* لا غاية لها خارج ذاتها مقابل المجانية* الوحدة والكثافة مقابل الإيجازفإرادة البناء" أو " الوحدة العضويّة " هو " قصد " بناء النصّ الشعريّ بناء واحدا/وحدة لا يقبل التجزئة ولا التفصيل ولا يمكن اقتطاع أبيات لقراءتها منفصلة عن الأخري. مثلما يحصل مع الشعر العمودي.وهذه الإرادة عند أدونيس تفترض " درجات عليا من التحكم في بناء القصيدة " (22)أما القصيدة باعتبارها " لا غاية لها خارج ذاتها " (المجانية)، فإنها لا زمنية. بمعني أنها لا تتقدّم نحو غاية أو هدف مثل الرواية أو القصة أو المسرحية أو المقالة، بل تفرض ذاتها باعتبارها كتلة لا زمنية.أما" الإيجاز " أو " الوحدة والكثافة "، فهو أنْ لا تتعمّد القصيدة الإطالة والتمطيط والتكرار الذي لا هدف له. وأن تبتعد قصيدة النثر ما اسْتطاعت عن الاسْتطراد والوعظ والتفسير.وتبعا لهذه الشروط الثلاثة " علي قصيدة النثر ألا تتعارض مع صفات المجانية والغموض والكثافة التي هي خاصية الشعر " (23)رابعا، يعتبر أدونيس أنّ معني القصيدة " ليس في الكلمة أو الجملة، وإنما هو في حركة القصيدة، بوصفها كلا " ليتحقق شرط الوحدة العضوية حسب سوزان برنار، أو إرادة البناء حسب أدونيس. وهذا خلافا للقصيدة العمودية التي يمكن أنْ يحكي عنها بيت واحد أو حتي صدر أو عجز، كأن تقول:الخيل والليل والبيداء تعرفنيدون أن تكمل بقية البيت للمتنبي.خامسا، إنّ القول الشائع أنّ الشاعر صوت القبيلة أو نبراس الأمة، أو حامل همومها والمدافع عن قضاياها، هو قول بائد. ذلك أنّ أدونيس يري اسْتحضار هذا القول من قبيل البكاء علي الأطلال. ذلك أنه يجب أنْ يُنظر إلي الشاعر باعتباره معرفة، لا باعتباره مرآة تعكس واقعا.سادسا، إنّ قصيدة النثر أو " كتابة الشعر. نثرا "، هي تجربة الحواس بامتياز. بمعني؟بمعني أنْ ينتبه الشاعر أكثر للتفاصيل والأشياء، وحتي المهمل والقبيح. عوض الاحتفاء بالقبيلة والزعيم الأوحد. فأنْ تكتب شعرا، هو أنْ تُخرج الأشياء من صمتها أنْ تجعلها تتكلم. والشعر يحيل القارئ إلي ما تقوله الأشياء " (24)ولما تتكلم الأشياء عبر نافذة قصيدة النثر، إنما تتكلم بملء قوتها وبكثافة حضورها وأن قصيدة النثر باعتبارها فضاء رحبا متسعا وممتدا في اللغة والكلمات وامتداد السواد علي بياض الورقة... يجعل من الأشياء لها قدرة فائقة علي التجلي والقول والتعبير. فشكل قصيدة النثر يمنحها إمكانيات متعددة للقول تفوق ما لغيرها من الأجناس(نقصد القصيدة العروضية)وأنا بهذه الملاحظات لا أخلق مفاضلة أو ترتيبا، وإنما أقدّم رؤية حاضرة كما أراها.فقصيدة النثر لن تسْكن " في أيّ شكل، وهي جاهدة أبدا في الهروب من كل أنواع الانحباس في أوزان أو إيقاعات محدودة. بحيث يتاح لها أنْ توحي بالإحساس بجوهر متموّج لا يدرك إدراكا كليا ونهائيا.لم يعد الشكل جمالا وحسب. ففكرة الجمال بمعناها القديم ماتت (..) إنّ وقع القصيدة كلها: لغة غير منفصلة عما تقوله، ومضمون ليس منفصلا عن الكلمات التي تفصح عنه.فالشكل والمضمون وحدة في كلّ أثر شعريّ، ويأتي ضعف القصيدة من التفسخات والتشققات التي تسْتشفّ في هذه الوحدة " (25)وإن كان مثل هذا التعريف لقصيدة النثر لا زال غامضا وزئبقيا، فذلك يعود لتشتت المعني وعدم اكتمال تجربة كتابة قصيدة النثر.فأدونيس يقدّم تعريفا في كلّ مرة، ليلحقه بآخر حول الإيقاع أو البناء أو الموسيقي أو الشكل أو... وحتّي تكتمل الصورة علينا بجمع التعريفات التي بالضرورة يتعارض بعضها مع تعريفات أخري قدمها يوسف الخال والماغوط وأنسي الحاج تنضاف إليها تعريفات قدمها بعض النقاد.ونعتقد أنّ خير ما يمكن اعتماده لتأثيث تعريف أقرب للعلمية، هو النص. فالتراكم الكمي ينتج حتما تنوعا كيفيا.لكن من قال أنّ قصيدة النثر تحتاج تعريفا دقيقا وصارما، أليس اللاتحديد هو تعريفها؟


الهوامش:
1ـ عز الدين المناصرة: اشكاليات قصيدة النثر، المؤسسة العربية للدراسات والنشرـ الأردن 2002، ط1، ص 35.
2 ـ عبد الرحمان محمد القعود: الإبهام في شعر الحداثة، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ـ الكويت، مارس 2002، ص 205.
3ـ عز الدين المناصرة، نفس المصدر السابق، ص 29.
4 ـ عز الدين المناصرة، نفس المصدر السابق، ص 30.
4 ـ عبد الرحمان محمد القعود، نفس المصدر السابق، ص 31.
5 ـ نفس المصدر السابق، ص 31 .
6 ـ نفس المصدر السابق، ص 31 .
7 ـ نفس المصدر السابق، ص 32 .
8 ـ أدونيس : زمن الشعر، دار العودة ـ بيروت ، ط3، ص 173 .
9 ـ أحمد عبد المعطي حجازي: قصيدة النثر أو القصيدة الخرساء، صدر عن مجلة دبي الثقافية ـ الإمارات العربية المتحدة، نوفمبر 2008، ط1، ص 37.
10 ـ عبد الرحمان محمد القعود: نفس المصدر السابق، ص 181.
11 ـ أحمد بزون : قصيدة النثر العربية، دار الفكر الجديد ـ بيروت 1996، ط1، ص 96 .
12 ـ أدونيس : تنبأ أيها الأعمى، دار الساقي ـ بيروت 2003، ط 1 .
13 ـ محمد لطفي اليوسفي : في بنية الشعر العربي المعاصر، دار سيراس للنشر ـ تونس 1985، ص 148 .
14 ـ نفس المصدر السابق .
15 ـ جريدة الحياة اللندنية : 01 جانفي 2001 .
16 ـ أحمد عبد المعطي حجازي: نفس المصدر السابق، ص 65 .
17 ـ أحمد بزون : نفس المصدر السابق، ص 62 .
18 ـ جريدة الحياة اللندنية : 01 جانفي 2001 .
19 ـ أحمد بزون : نفس المصدر السابق، ص 25 .
20 ـ سوف عبيد: حركات الشعر الجديد بتونس، إصدارات جريدة الحرية ـ سبتمبر 2008، ط1، ص 83.
21 ـ أحمد بزون : نفس المصدر السابق، ص 25 .
22 ـ مجلة الحياة الثقافية : " حوار مع شربل داغر"ـ ديسمبر 2002، ص 99 .
23 ـ عز الدين المناصرة، نفس المصدر السابق، ص 29.
24 ـ جريدة الحياة اللندنية : 01 جانفي 2001 .
25 ـ أحمد بزون : نفس المصدر السابق، ص 47 .
26 ـ أحمد بزون : نفس المصدر السابق، ص 96 .

السبت، 15 مايو 2010

مجلة " إلــــــى" الهولندية

( القدس العربي / ا لعدد6510)

صدور العدد الأول من مجلة ' إلى' الثقافية
5/15/2010
صدور العدد الأول من مجلة ' إلى' الثقافية لندن ـ ' القدس العربي': عن ' مؤسسة كروس أوفر' للثقافة والفنون صدر العدد الأول (أيار/ مايو 2010) من مجلة ' إلـــــــى'، وهي مجلة إلكترونية تعنى بالفن المعاصر والكتابة ، هدفها النهوض بحوار إبداعي بين الثقافات من خلال ترسيخ لغة مغايرة في الكتابة والنص البصري، وفتح ملفات تفعل مساحات الحوار وتشرع نوافذ للنظر إلى القادم من الأسئلة وتكريس هاجس اللحظة وقياساتها. وتصدر المجلة باللغات العربية والانكليزية والاسبانية والهولندية.يحررها الكاتب والفنان التشكيلي علي رشيد .
وتتشكل هيئة التحرير من:
الفنانة التشكيلية والمعمارية كيتا باردول /الكاتب عادل حوشان /الفنان التشكيلي مظهر أحمد/ الكاتب د. مجيد إبراهيم خليل /الشاعر د. محمد حلمي الريشة /
كما تساهم في تحريرها وهيئتها الاستشارية نخبة من الفنانين والكتاب، ومن دول عدة، منهم:
الناقد الفنان التشكيلي علي النجار من السويد/ والكاتب الشاعر عيد الخميسي من السعودية/والفنان التشكيلي د. كاظم نوير من العراق/ومن فرنسا الفنان المسرحي سمير عبد الجبار/ومن لندن الفنان التشكيلي عبد الأمير الخطيب/ والفنان السينمائي علي الحمداني من الدنمارك/والفنان التشكيلي منير حنون من اسباني/ والكاتب محمد أحمد بنيس من المغرب/ والشاعر المهدي عثمان من تونس.
و تصدر المجلة باللغات العربية والانكليزية والهولندية والاسبانية. وعن ' إلـــــى' وتسميتها نقرأ: (يقينا ان أي عبور سيقود إلى، وها نحن نحاول العبور عبر هذا الجهد الثقافي إلى شساعة لا يمكن عبرها تحديد فحوى العبور ولا مقاصده، لأننا نرى أن الفن بشموليته لم يعد معبرا لفتنة صامتة ولا لقيمة جمالية فحسب، بل هو اليوم محرك أساس لليومي، وله موقف ومساس في فحوى الانشغالات الفكرية والحياتية والمصيرية التي تشغل الكائن، الذي تحاول الكثير من النوازع والقوى عبر مساراتها العنيفة وخطاباتها المراوغة سحق هذا الكائن وتهميشه، بل وترويضه للقبول بضبابية الصورة والانتكاص لها كمعادلة وحيدة، فالفن هو المعادلة الأكثر نقاء، والخطاب الأكثر معرفية، والنسغ الذي يغذي الكائن بقيامته الفكرية ويرسم مساره المعرفي، ويحشد طاقاته الثقافية ليقف في وجه هذا الخراب، وليعيد صياغة الصورة لتتشكل بعوالم جديدة، ننقاد عبر بهجتها إلى يقين يتشكل عبر فحوى العبور، ها نحن نحاول أن نتلمس معابر الفن للوصول إلى........ ).تضمن العدد الأول العديد من المواد، ففي القسم العربي، وفي مجال الفن التشكيلي نقرأ: (الهجرة المستحيلة التشكيل مثلا) للناقد والفنان علي النجار، (عالم متغير) للناقد والفنان طلال معلا، (الحداثة والفن التشكيلي العراقي) للفنان د. كاظم نوير،(قوة العناصر وخلود الاشياء) للفنان علي جبار، (خلفيات الصور ليس إلا) للفنان محمد الشمري، (بورتريت) و (الدلالة البصرية وسعة التأويل) للكاتب والفنان علي رشيد، (رحلة 1) للفنان وليد رشيد القيسي (عبد الوهاب العوضي ينتصر للإنسان ولعوالمه الداخلية) محمد النبهان. وفي مجال المسرح (غجر عرب) بحث للفنان حازم كمال الدين، أما في باب ' الترجمة' فنقرأ (قصيدتان للشاعر الأمريكي المعاصر فيليب تيرمان) ترجمة وإعداد الكاتب والمترجم صالح الرزوق، كما نقرأ عن الكاتب المعروف ألان سيليتو الذي توفي قبل أيام مقالا بعنوان (مساحات للنزاع) بقلم جيمس كامبيل، وترجمة الكاتب والمترجم صالح الرزوق، (في القطار مع انطونيو ماتشادو) وهي قصيدة بالاسبانية حائزة على جائزة أنطونيو ماتشادو الأدبية لعام 2009، كتبها وترجمها للعربية الشاعر عبد الهادي سعدون. واحتوى العدد على العديد من النصوص منها: (زوربا) للشاعر أديب كمال الدين، (جنازة عمياء) للشاعر محمد أحمد بنيس، (في بغداد لا تنام النساء) للشاعرة فرات إسبر، (قصتان) للشاعر والقاص حميد العقابي، (بقاياي تستعاد على يديك) للشاعر عبد الحميد الصائح، (الشعر لحوار بين الحضارات) للشاعر محمد حلمي الريشة، (امرأة من خيال) للشاعرة فاطمة الزهراء بنيس، (ديوان الحريك) للشاعر بن يونس ماجن، (أمواج) للكاتب د.سامي عبد الستار الشيخلي، (كاهن ثور، الآباتشي) للشاعر المهدي عثمان، (سماء زرقاء) للشاعر خالد السنديوني، (نصوص) للشاعر عيد الخميسي، (لا أحد يعيب لأن وقتهم ما انتهى) للشاعر قيس مجيد المولى، (قصص قصيرة جدا) للكاتب عبدالله المتقي، (المعجزة ) للشاعر ماجد مطرود، (بك استدرج الكلمات الى القراطيس) للشاعر هيثم الطيب. كما احتوى العدد على بحث بعنوان (يخبئ في وجدانه الشوق والقلق) للكاتب شعيب حليفي، ومتابعة لمجموعة الشاعر مجدي بن عيسى (الإنساني في مرايا اليومي) للكاتب أمين الغزي. وتضمن القسم الانكليزي العديد من المواد منها: (بورتريت لمظهر أحمد) للفنانة ماريا فيفروا، (خلفيات الصور ليس إلا) للفنان محمد الشمري، (ميريام) للكاتبة منى العجمي و (هل رأيتني ؟ كنت أمشي في الشارع) للكاتبة هناء حجازي، ترجمة الكاتبة هيلة الخلف، (أنا مجرد غريب آخر) للشاعر بن يونس ماجن، (الصباح مبتسما لكنه لا يراني) للشاعرة فرات إسبر، ترجمة عادل صالح، (الثقافة الثالثة) و(قصة ما بعد الحداثة) للفنان عبد الأمير الخطيب، (وطني) للشاعرة فرات إسبر ترجمة الكاتب أسامة إسبر. أما المواد في القسم الإسباني فهي: (معرض للفوتوغرافي علي حنون) للناقد رامون كونزالس، (في القطار مع انطونيو ماتشادو) للشاعر عبد الهادي سعدون، (جنازة سييغو) للشاعر محمد أحمد بنيس، (قصائد) للشاعرة فاطمة الزهراء بنيس ترجمة الشاعر محمد أحمد بنيس. أما في اللغة الهولندية فنقرأ: (الثقافات الجديدة) للكاتب والمترجم يان ياب درويتر، (جغرافية الفن) للفنان نيكو هيميلار، (قصائد المناحة) للشاعرة رشا خليل،(مسرحية الرحلة) للفنان حازم كمال الدين (ذاكرة الصهيل) و(قصائد) نصوص للشاعر علي رشيد ترجمة كيس نايلاند ويان ياب درويتر. كذلك احتوى العدد على مادة (كتاب الفنان) و(كتاب الكاتب)، وكان كتاب الفنان بعنوان (أنشودة المطر) للشاعر الراحل بدر شاكر السياب، تنفيذ الفنان محمد الشمري، أما كتاب الكاتب فكان بعنوان (البوادي) للشاعر عيد الخميسي، كما أن هنالك عرضاً لمجموعة من أعمال الفنانين التشكيليين في غاليري الموقع، وكذلك معرض شخصي، وهي مساحة لعرض أعمال لفنان العدد، وقد اختير الفنان الايطالي باولو سيسيلي ليكون فنان العدد الأول.
يمكن تصفح المجلة على الرابط

أمسية شعرية



التاريخ: 14 ماي 2010


التوقيت : الثالثة مساء


المكان: المكتبة العمومية بقصور الساف




الأمسية الشعرية التي أثثها كل من : راضية هلولي و فوزية فرحات و حمادي شعبان وناجي العجمي ولطفي بن سلامة،.. كانت أكثر من متميزة ولافتة للإنتباه وعلى أنغام موسيقى أثثها محمد الناصر بالحاج خليفة وفرقته، نشط المهدي عثمان الأمسية وقرأ البعض من نصوصه. فيما قدم الأستاذ الحبيب الدهماني بعض الشذرات النقدية الأمسية الشعرية التي تغيبت عنها آمال ...جبارة، حضرها عدد لا بأس به من التلاميذ والطلبة وبعض المثقفين، وقد التأمت بالمكتبة العمومية. شكرا لمديرها العجمي لكحل والسيد رياض سلمونة مدير دار الثقافة بقصور الساف ومراسل جريدة الأنوار اأيمن بالرحومة.