مرحبا بك في مملكة الورد

مرحبا بكم في مملكة الورد

صديقكم المهدي عثمان

قصور الساف / تونس



الأربعاء، 11 أبريل 2012

القرد السياسي / جريدة الصريح كل يوم خميس





                                                                القرْد السياسي 





ككلّ الحكومات العربيّة و العالمثالثيّة، والحكومات المدْعومة من آل صهيون أو العمّ سام .. تنْخرط في رقْصة الدّيك المذبوح، وكأنّ الشعوب المتفرّجة على عوْرات حكوماتها، تسْعد ـ بالمثل ـ لرقْص الديكة. بلْ وتنْخرط أحيانا كثيرة في شدّ حبْل الحلبة، أو رشّ المياه على غبار الطرقات والمسالك الفلاحيّة، حتّى تخْمد الأرْض ولا تنْتفض.

الشعوب تلْعب دور القرد أحيانا، وأحيانا أخرى دور القرّاد. والقرّاد هو سائس القرْد وهو ذلك الشخص الذي يعرض قرده للجمهور، وهو مقيّد من رقبته، ليعْرض رقصاته البهلوانيّة بمقابل ماديّ قدْ لا يفي حقّ تنقّل القرّاد من حيّ إلى حيّ ومن قرية إلى قرية. وقدْ يعرض القرد مؤخّرته للمتفرّجين نكاية فيهم وسخْرية من جهلهم وغبائهم.

هذه هي الشعوب أحيانا، تفرز حكاما وملوكا كقرود الشامبانزي، تجعلها مسْخرة و بيادق للضحك المرّ والمميت. كأنْ يُفْرز شعب ما حاكما لينوبه في تحمّل الصفّع والركل والضرب على القفا، من أسْياده. ويجعله شعبه ـ بفعل تلك اللعبة الديمقراطيّة ـ ذلك القرْد الذي ينوبه في موائد الشتْم وفرْض القرارات والأوامر. فلا يسعه إلا أنِْ يُنفّذ ويُطبّق دون تأخير. فيقْطع علاقات دولته مع دولة أخرى قيل متّهمة بالإرهاب، أو هي تهدّد السلم العالمي. كما يعمد إلى طرْد الأجانب العرب الوسخين الذين لا يتوانى الواحد منهم عنِْ ربْط نصْفه بحزام ناسف ليقْصف حانة أو نزْلا أو سفارة. بالمثل يؤمر باعْتقال المعارضين ولجْم أفواه المثقفين والمتّهمين بمعاداة الساميّة ومعاداة التسامح وحوار الحضارات.

هكذا يكون الشعب كالقرّاد يدفع قرْده/ حاكمه من حيْث لا يدْري، ليقوم بتلك المهام الوسخة.

غيْر أنّ ذلك الشعب الأبْله المسْكين، لا يسْتطيع أنْ يُجْبر ذلك القرْد على أنْ يتوقّف عن الرّقص والنطّ وعرْض مؤخّرته. لأنّ ذلك القرْد قدْ تعوّد مكانه وألفه وأحبّه، وأحبّ أسْياده. ولا يُمْكن بأيّ حال من الأحوال أنْ يسْمح لغيْره من القردة بالصعود واعْتلاء سدّة العرْش.

إنّه الكرْسيّ الذي يُسمّيه البعض " كرْسيّ الحلاق "، لأنّ الذي يجْلس عليْه، لا بدّ ـ طال الوقْت أو قصر ـ أنْ يغادره، بعْد أنْ فناه العمْر أو المرض أو العجْز أو حتّى من يرْغبون في إزاحته بالقوّة عبْر الاغتيال أو الانقلاب.

الحلاق هوّ الوحيد ـ إذن ـ من يُجبر الجالس على ترْك الكرْسيّ كيْ يغادره، بعْد أنْ أكمل مهمّته. ليتْرك المكان والمجال لغيْره، ليسْتعمل نفس الكرْسيّ، كيْ يغادره هو الآخر. إنّه تطبيق لشعار " لو دامتْ لغيْرك لما آلتْ إليْك ".

والمأساة تتكرّر ـ أيْضا ـ لما يكون الشعب هو القرْد، والحاكم هو القرّاد. ذلك أنّ هذا الأخير كثيرا ما يُجبر القرْد على الرقْص والغناء والتغنّي والتهْليل والتكبير والمساندة... بكلّ ما يمْلك من قدْرة على الفعْل وعلى الصمْت وعلى الطاعة، وكلها صفات الحمار.

ويُصْبح بالإمكان ـ حتى وبتوفّر ميكانيزمات العمليّة الديمقراطيّة ـ مراوغة القانون، وتحويل صناديق الاقتراع إلى حاويات كبرى، تحتوي كلّ حاوية على قرْد اجْتماعيّ، له القدْرة على تغيير لون ورقة الانتخاب. بل يُمكنه ( وهذه من المعجزات ) أنْ يُصحّح أخطاء أيّ مواطن صوّت دون دراية، أو تحت فعل السكر... فيُغيّروا له لون بطاقته التي وضعها في الصندوق، وكأنّ شيئا لمْ يكن. بل ثمّة حتّى من أقْنع شعبه بأنّ فكرة الانتخاب هذه، فكرة هجينة، لمْ تعدْ تصْلح الآن في ظلّ النظام الجمهوريّ الحديث. لذلك لا داعي للانتخاب ولإهدار المال العام، في التحضير لهذه التفاهات.

وأنّ هذا الزعيم هو الأوحد والأكبر والأعظم و الأبْقى رئيسا وملكا وزعيما ... مدى العصور والأزْمان .

هكذا اللعْبة الآن بيْن الشعب وحاكمه، صراع على المواقع: موقع القرْد والقرّاد.

فأيّهما هذا وأيهما ذاك.

أما الشعب المسكين، فكثيرا ما يكون الحطب الذي يُدسّ في الأفران لإيقاد مواقد السياسة العفنة المدعومة بالمآذن والجلابيب، والتي تُحِلّ وتحرّم وتمنع في ظلّ سيطرة الأحزاب الإسلاميّة على السلطة في عالمنا العربي التعيس الذي لا همّ له إلا الرغيف والشغل، فعن أي خمار وحجاب وقمار و ختان للنساء و الرياء .. يتحدّثون؟؟؟


أليست كلها أدوار القرود ..